كلية سلوان تستضيف باحثين لمناقشة مضامين كتاب البروفيسور أعبابو

كلية سلوان تستضيف باحثين لمناقشة مضامين كتاب  البروفيسور أعبابو
تفعيلاً لأنشطته العلمية، ومواكبة منه لقضايا ومستجدات العصر، نظم ماستر اللغات والثقافات المغربية والإيكولوجيا ندوة علمية وازنة بمداخلات أساتذة أجلاء، ذاع صيتهم داخل الوطن وخارجه، والذين ساهموا في إغناء موضوعها الذي كان معطرا بمقارباتهم السوسيولوجية لتفسير التغيرات التي يشهدها الحقل الديني في بلادنا، وناجحة بامتياز بحضور نوعي للفعاليات العلمية والمدنية والإعلامية، وللطلبة الباحثين في سلكي الماستر والدكتوراه.

وتأتي هذه المبادرة العلمية من لدن أساتذة الكلية في الماستر نفسه، وخاصة الدكتور مومن شيكر باعتباره منسقا، له ورئيسا للندوة العلمية، خصوصا في ظل تنامي ثنائيات متناقضة أصبحت تعرف صراعا عميقا في دراسات بعض المفكرين السوسيولوجيين والأنتروبولوجيين، والتي تناولت المجال الديني، مثل: الحداثة والتقليد - التحضر والتخلف البدائي والعصري الدين والتدين..

كل هذه الإشكالات جعلت مؤلّف الكتاب المحتفى به يطرح مجموعة من التساؤلات التي يقتضي الخوض فيها مساءلة المفاهيم استنادا إلى دراسات ميدانية مؤسسة على معطيات منطقية وواقعية.

فلقد أقر المؤلف أن كتابه هذا هو نتيجة مسار علمي طويل الأمد، اشتغل فيه على ما يلي:

- استمرارية التدين أو التراجع عنه مع سيرورة الزمن. التدين يقاوم أشكال التثاقف.

- كيف تغيرت الحياة الدينية في السلوك الإنساني؟

الحاصل في لذلك فعن الأهم في كل هذا هو القيام بإحاطة شمولية للمقاربة الدينية. والحل الواحد في نظر المؤلف هو المقاربة بين الأجيال، وإعادة النظر في تحليل الظاهرة عند بعض السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين، أخذين بعين الاعتبار التغير التنشئة الاجتماعية نتيجة هيمنة العالم الافتراضي، والذي عولم الثقافة انطلاقا من الأسرة والمؤسسة الدينية والقنوات الفضائية التي أصبح لها تأثير مباشر على تنشئة الأجيال..

ما مصادر هذه الثنائيات المتناقضة في دراساتنا لمسألتي الدين والتدين؟ غير أننا نحاول عبر فصول هذا الكتاب أن نتجاوز هذه الثنائية، لكن الإسلام دين الوسط والاعتدال، إذ أن من بين الإشكالات التي تطرح في أدبيات المثقفين العرب والمسلمين، ولو أنها تُجوزت هي كوننا نتكلم عن عودة الدين، وكأنه انقرض لزمان وعاد إلى الوجود ثانية.

ونتيجة لكل هذه المعيقات أمام تطور علم الاجتماع الديني، يجب إعادة قراءة مفاهيم الجيل والتنشئة الاجتماعية والتدين في سياق العولمة وغيرها. من جهته اعتبر الأستاذ عكاشة بن المصطفى، وانطلاقا من قراءته النقدية الموجزة للكتاب، يجب فهم الإنسان انطلاقا من انخراطه في العالم، دون انغلاق على محيطه الذي يجعل منه كائنا منغلقا على ثقافته الأحادية بسلبياتها وإيجابياتها دون الاستفادة من تجارب الآخر. وقد مثل لذلك بمفهوم الدين عند شعوب الحضارات الإنسانية الأخرى. بينما ارتأى الأستاذ عبد الرحمان المالكي تقديم قراءة شمولية وخاطفة للكتاب مقرا بأهمية المواضيع التي يتناولها. وقد تمحورت مداخلته حول النقاط التالية: اعتباره مهمة علم الاجتماع هي دراسة الظواهر الاجتماعية العادية، كالأسرة والقبيلة والمجتمع. أما الظاهرة الدينية في منظوره، فهي من المواضيع التي كان تأكيده على أن مثل هذه الدراسة تتطلب نوعا من الشجاعة.

يتهرب الباحثون من الخوض فيها لأسباب أو لأخرى. الدين في المجتمع هو أنماط وممارسات عدة من التدين.

اعترافه بصعوبة تحقيق نتائج علمية وواقعية عن طريق البحث الميداني عن الدين، باعتباره مشكل صعبا، لأن الأسئلة المنتظر منها أجوبة صريحة من المستجوبين قد يشوبها الإحراج لأسباب جمة وبالتالي فإن الباحث السوسيولوجي قد لا يحصل على أجوبة صحيحة... وختم مداخلته بسؤال شائك وعريض، هو كالتالي:

- هل النزعة الإسلاموية جاءت نتيجة صراع الأجيال؟ ام نتيجة للتهميش السياسي والثقافي أم نتيجة لأشياء أخرى؟

بينما ارتأى الأستاذ صلاح الدين لعريني تسليط الضوء على الفصل السابع والأخير من الكتاب والمعنون "ب" مساهمة في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية في المغرب. وقد مثل لذلك بالمكونات السياسية والدينية لحركة 20 فبراير، وفسر كيف أعادت مثل لا هذه الاضطرابات السياسية التي شهدها العالم العربي. 2011م، امتحان الأطروحات والمفاهيم التي سادت حول معيقات التطور والتغيير في العالم العربي، بحيث تفترض أغلب المفاهيم الموظفة من لدن علماء الاجتماع والانتروبولوجيين أن المجتمعات العربية الإسلامية لم تتجاوز بعد المرحلة الطائفية، وأنها ترزح تحت كل أشكال الاستبداد المهيمنة على المجتمع، ولذلك فهي لم تتحرر بعد من سلطة الثقافة التقليدية.

وما شهدته معظم هذه الشعوب المقهورة من انتفاضات شعبية، يطرح أسئلة عميقة على العلوم الاجتماعية من قبيل ما الداعي الذي جعل الأفراد يتحررون من هواجس الخوف والقمع والاستبداد؟ والإجابة على هذا التساؤل العميق في فحواه يطرح نفسه أسئلة أخرى أكثر تشعبا مثل هل هذه الحركات الاحتجاجية نتيجة تاريخية وحتمية للتراكم النضالي منذ الاستقلال إلى اليوم؟ أم هو بالعكس مفعول به؟، أم مجرد موجة عابرة مرتبطة بتأثيرات العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية؟

لقد أشار الأستاذ صلاح الدين لعريني في مداخلته أن المؤلف حاول كاتبه من خلال هذا الفصل الأخير منه ان يجيب عنها بشكل تدرجي. والمستنتج من فحوى المداخلات وخاصة مداخلة صاحب الكتاب القيم، أن الموضوع المتناول في الدراسة يحتاج إلى اجتهاد جماعي أكثر من لدن المثقفين السوسيولوجيين المتنورين.

أعقبت أشغال الندوة بمداخلات للحضور المتميز نوعيا، والتي برهنت على الاهتمام الواسع بالموضوع المتناول في المؤلف

الخميس 18 ماي - 22:32

مصدر : nadorcity.com.