ادريس بوستة: دكتوراه في القانون العام للمساهمة في إدماج الاعتبارات البيئية في أشغال المجلس الأعلى للحسابات الأوروبية

ادريس بوستة: دكتوراه في القانون العام للمساهمة في إدماج الاعتبارات البيئية في أشغال المجلس الأعلى للحسابات الأوروبية
موضوع أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية (القانون العام) مساهمة في إدماج الاعتبارات البيئـية في أشغال المجلس الأعلى للحسابات الأوربية: أية مكانة للتدقيق البيئي؟

هدف هذا البحث العلمي هو المساهمة في إدماج الاعتبارات البيئـية في أشغال المجلس الأعلى للحسابات الأوربية. ويتعلق الأمر برسم معالم الربط النسقـي بين مهمات هذه المؤسسة وتقنيات التدقيق البيئي.

اختيار تناول هذا الموضوع في سياق السياسات العمومية الأوربية يبرره الطابع الأصيل وغير المسبوق الذي يوفره الواقع الأوربي باعتباره مجالا للتحليل.

شهد الرأسمال الطبيعي الأوربي تدهورا وهو ما نتج عنه وعي بيئي متنامي لدى المواطنين. فهؤلاء يعتبرون أن التصريحات الصادرة عن حكوماتهم ينبغي أن تخضع لتدقيقات بيئيـة مستقلة.

هذه التوجهات تمت ترجمتها إلى إجراءات تقوية أنظمة التدقيق البيئي، التي تتصور إجراءات لتحميل المسؤولية تهدف إلى المساءلة. وهكذا، واجه المجلس الأعلى للحسابات الأوربية تحديات ترتبط بوضع منهجيات وتقنيات التدقيق البيئي لتحسين المساءلة، وفعالية التسيير المستدام للموارد.

التدقيق البيئي يدخل في إطار مهمات التدقيق المستقل الخاضعة لمعايير التدقيق المعتادة. وهذه المقاربة قد تسمح بالمساهمة في تقوية إدماج القضايا البيئية – "E" الرابع – في مهمات تدقيقات الإنجاز التقليدية الخاصة بمجلس الأعلى للحسابات الأوربية المتمحورة حول الاقتصاد، الفاعلية، الفعالية (les trois E).

ورغم أن هذه المؤسسة حققت تقدما في مجال التدقيق في التطبيق الفعلي لسياسة التنمية المستدامة، فهي ليست لحد الآن متمسكة بتحقيق تدقيق شامل يسمح بإعطاء نظرة إجمالية عن نتائج السياسة الأوربية للبيئة. وبالتالي، فإدماج الإعتبارات البيئـية في مهمات المجلس الأعلى للحسابات الأوربية يدعو إلى التفكير في خلق وظيفة مندوب للتدقيق البيئي والتنمية المستدامة ضمن هذه المؤسسة. ومثال مندوب للبيئة والتنمية المستدامة بمكتب المدقق العام في كندا، المُحدث في دجنبر 1995، يشكل مرجعا ممكنا.

من أجل خلق مؤسسة مستقلة للتدقيق البيئي والتنمية المستدامة داخل المجلس الأعلى للحسابات

تم تنظيم حفل دكاترة 2022، يوم الجمعة 17 فبراير 2023، في المدرج الكبير بجامعة بونتيون السوربون باريس 1 الذين ناقشوا أطروحاتهم سنة 2022.

وحسب ما تقتضيه التقاليد، تم منح الدكاترة وشاحا وميدالية الجامعة من طرف مدير مدرسة الدكتوراه لسربون باريس 1، وتم بهذه المناسبة تكريم السيد ذ إدريس بوستة الذي ناقش أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية (القانون العام)، بتاريخ 14 نوفمبر 2022، حول موضوع: مساهمة في إدماج الاعتبارات البيئـية في أشغال مجلس الأعلى للحسابات الأوربية: أية مكانة للتدقيق البيئي؟

وهو أول مغربي إفريقي وعربي يحلق اسمه في سماء بحث تطرق إلى انسجام السياسات العمومية الأوربية بالنظر إلى الأهداف البيئية والتنمية المستدامة. وبهذا الإنجاز تم منح الأستاذ بوستة ادريس لقب الباحث المغربي السباق في مجال التدقيق البيئي، كما جاء في محضر مناقشة الأطروحة لأنه أول من تطرق لبحث هذا الموضوع في تاريخ السياسات العمومية الأوربية.

لقد بعثر الباحث المغربي أفكار النخب الأوربية في هذا المجال بتساؤلات عميقة ليس أقلها إشكالية إدماج الاعتبارات البيئـية في مهام أشغال مجلس الأعلى للحسابات الأوربية، وهو الخبير الدولي في التدقيق البيئي والتنمية المستدامة، والباحث في جامعة سوربون باريس1، فرنسا، الذي راكم خبرة في مجال التدقيق على الصعيد الوطني والدولي بتجربة غنية في مساره المهني لأكثر من 32 سنة في مجال المراقبة والتدقيق وتقييم مشاريع السياسات العمومية كقاضي مستشار مشرف (قاضي الدرجة الاستثنائية).

لقد عمق الباحث تكوينه بمركز التكوين الافتحاص البيئي بنوادة (Noida) بالهند، سنة 2009، في مختلف المجالات البيئية، وقد بدأت تساؤلاته على إثر ملاحظة مشاكل بيئية متفاقمة في هذا البلد: النفايات الصناعية، تلوث الأنهار والمياه الجوفية، نذرة الماء، الجفاف المتكرر، الهواء الملوث في المدن الكبرى، تراكم جبال من النفايات .....الخ.

كما راكم تجربة غنية على إثر دعوة استقبال صادرة عن مجلس الأعلى للحسابات الأوربية، بتاريخ 13 يناير 2014، باللوكسمبورغ، بالغرفة الأولى، وحدة - الصيد البحري البيئة والصحة- لأن مهنية الباحث مفيدة لهاته الغرفة كما جاء في الرسالة الموجهة من هاته المؤسسة الأوربية إلى السيد رئيس المجلس الأعلى للحسابات للمملكة المغربية، بتاريخ 16-9 -2013

في هذا الإطار شارك الباحث في مهمات تدقيق قامت بها هذه المؤسسة الأوربية للتدقيق بصفته مختصا في التدقيق البيئي. وهو يعتبر أول عربي وإفريقي شارك في مهمات تدقيق رسمية عديدة قام بها المجلس الأعلى للحسابات الأوربية باللوكسمبورغ داخل مختلف مديريات الاتحاد الأوروبي في بروكسيل.

يجب الإشارة أن هذا البحث يمكن أن يصبح حلا مبتكرا ينسجم مع النهج الاستراتيجي الذي اختارته المملكة المغربية ضمن الأوراش الكبرى المرتبطة ببرامج الاستثمار الأخضر، والأهداف الإستراتيجية التي حددها بلدنا في مجال تنمية الطاقات المتجددة، الماء، التلوث، التنوع البيولوجي، النفايات، المناطق البحرية، الزراعة، مكافحة التغيرات المناخية، الشراكة الخضراء المغرب – الاتحاد الأوربي، وكلفة البيئة التي تمثل رقما كبيرا من الدخل القومي، وذلك من أجل بناء اقتصاد وطني أكثر استدامة وصلابة و شمولية.

وفي آفاق مستقبلية، قد يكون مجلس الأعلى للحسابات للمملكة المغربية مدعوا لإدراج القضايا البيئية في إطار خلق مؤسسة جديدة ألا وهي "مندوب للتدقيق البيئي والتنمية المستدامة" قبل الاتحاد الأوروبي وبهذا سيكون المغرب ثاني بلد في العالم بعد كندا التي أنشأته سنة 1995.

إضافة إلى ما سبق، يبدو أنه قد حان الوقت ليكون المغرب أول بلد في إفريقيا يتوفر على مركز لتكوين مدققـين بيئـيين (مركز للتكوين في مجال التدقيق البيئي) على غرار التجربة الهندية. ويمكن للمغرب أن يقوم بعد ذلك بتكوين مدققـين بيئـيين تابعين للمجالس العليا للحسابات للدول الإفريقية التي تواجه مشاكل بيئية عديدة.

لقد عزز المغرب حضوره السياسي في إفريقيا بعد عودته المظفرة إلى الاتحاد الإفريقي، وحضوره الاقتصادي القوي عن طريق مقاولاته وبنوكه، وشراكاته العديدة مع الدول الإفريقية ، بفضل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبفضل الزيارات الملكية المتكررة للعديد من الدول الإفريقية التي أثمرت التوقيع على الكثير من الاتفاقيات التي همت العديد من المجالات والقطاعات الاقتصادية.

ونتيجة لذلك، أصبح المغرب زعيما للقارة، وبوابة إفريقيا. وأصبح نموذجا يُحتذى به من طرف الكثير من الدول الإفريقية، ويقوم بمهام تكوين الأطر الإفريقية. وفي هذا المجال، يمكن للمغرب أن يقوم بالتكوين في ميدان التدقيق البيئي لأنه لا يوجد لا في أوربا ولا في أي بلد في العالم مركز لتكوين مدققين بيئـييـن باستثناء الهند.

هذه فرصة تاريخية للمغرب الدخول للتاريخ من بابه الواسع في مجال التدقيق البيئي.

السبت 11 مارس - 17:32



مصدر : nadorcity.com.