مهندس مختص يشرح تأثير الزلزال على البنايات ولماذا تسقط بعضها وتبقى اخرى بجانبها صامدة

مهندس مختص يشرح تأثير الزلزال على البنايات ولماذا تسقط بعضها وتبقى اخرى بجانبها صامدة
يتساءل الكثيرون عن تأثير الهزات والضربات الزلزالية على البنايات وأساساتها؟ لماذا تسقط وتتهاوى بعضها، بينما الأخرى بالجوار، تبقى صامدة وثابتة، دوناً من أنْ يلحقها ضررٌ ولا يطالها انهيار ودمار ؟!

سأحاول بهذا الصدد، الإجابة عن هذه الظاهرة، بعجالة وفي بضعة أسطر، موضحاً خلالها الأسباب بإختصار، بشكل تقني بحت، واللّـه أعلم وأجلّ..

أولاً : ما يجب معرفته بشكل مبسط عن ظاهرة الزلزال، أنها قوى طبيعية تصدر من باطن الأرض، على شكل موجات أفقية بالنسبة إلى سطح الأرض، تصدر مع هزّاتها المركزية، قوى ترددية تؤثر في البناية بشكل أفقي، على مستوى كل أعمدتها وأساساتها تحديدا.

ثانيًا : ما يخفى على الجميع، أن القوى الأفقية ينتج عنها تسلسل من القوى غير المباشرة، معروفة بـ"العزم والدوران" أي ( le moment et torsion)، إذ تؤثر على كل الركائز والأعمدة الداعمة للبناية، وكلما إرتفعت البناية كلما إشتدّت تلك القوى.

ثالثاً : القوى الصادرة عن الزلزال، تتحرك على مستوى البناية بشكل نمطيّ، تبحث دائما عن نقاط الضعف والهشاشة في الأعمدة والركائز، كل ما هو متصل وموصل للقوى لسطح الأرض بشكل تلقائي، مثل صبيب المياه المُنساب مع المنحدرات بشكل نمطي.

فحين نستوعب هذه المعطيات السالفة ذكرها، يتسنّى أن نطرح مجموعة من التساؤلات في مجال هندسة البناء، أبرزها وأهمها، ما الفرق بين معايير بناء منزل قابل للسقوط، والآخر المُقاوم للزلزال؟

الجواب بإختصار، يمكن شرحه وتبيانه عبر المثال الآتي؛ إذ إن الملاكم الذي يبلغ درجة كبيرة من الاحتراف والمهارة، حين يتلقى ضربة أفقية من خصمه، يعمل بقاعدة امتصاص الضربة المركزة على الوجه، عن طريق تفريق حدّتها وشدتها على باقي أنحاء وأطراف جسده بحركة لا إرادية وتلقائية.

لذلك تجد الملاكم يضع إحدى رجليْه في وضعية متقدمة، فيما رجله الأخرى في وضعية متأخرة، كي تتحوّل تلك القوى التي يتلقاها إلى "مقاوامات متسلسلة" تنخرط فيها جميع عضلاته للتواصل مع الباقي بمرونة ،للتعاضد والتكتّل، مستعملاً قانون إمتصاص الحركة لتفادي السقوط.

فهذا مثال بسيط، أقرب للإجابة عن مفهوم المقاومة لقوى الزلزال.

للتعمق في مستوى الدراسات التقنية الكلاسيكية المعتمدة في تكوينها على الخرسانة المسلحة( béton armé)، يجب فهم أهمية الفولاذ، دوره و جودته، في إمتصاص القوى عبر خاصيته المقاومة للتمدد و كيفية وضعه بشكل صحيح . المعرفة في هذا المجال ذو قيمة هامة لا تمحوها الأعراف و التجارب عند بعض أرباب المقاولة

أما بالنسبة للمغرب، فثمّة عدة معايير معتمدة كقانون (RPS 2011)، يلزم مجموعة من التقنيات الكفيلة بترسيخ هذه المفاهيم من أجل حماية البناية من التهاوي والانهيار، يجب فهمها واتباعها بعناية...

الجمعة 10 فبراير - 11:31
مصدر : nadorcity.com.