رمسيس بولعيون يكتب: الأبناك بالناظور.. فلوسنا زوينة وحنا خايبين وخبز الدار ياكلو البراني

رمسيس بولعيون يكتب: الأبناك بالناظور.. فلوسنا زوينة وحنا خايبين وخبز الدار ياكلو البراني
يبدو جليا أن الأبناك بمدينة الناظور، تتبنّى فلسفة واحدة ووحيدة، وهي أن "فلوسنا زوينة ولكن حنا خايبين"، مع أن لا أحد يخفى عليه في هذا الوطن، أن أقاليم الريف ومنه الناظور بخاصة، هي من بين أكثر الأقاليم جذبا واستقطابا من حيث الودائع البنكية، بحيث تجاوزات خلال سنوات سابقة حتى الودائع الموضوعة في خزائن أبناك العاصمة الاقتصادية العملاقة الدار البيضاء.

هذا المعطى لا يجهله أحد، بل يعرفه الداني والقاصي، وهـو في الحقيقة جدّ عادي ومنطقي، بالنظر إلى حجم مساهمة أبناء هذه المنطقة (أتحدث هنا عن الناظور والريف عموما)، في إنعاش الاقتصاد الوطني وتحريك ناعورته، بفضل زخم تلك المشاريع الكبرى التي أقاموها ويقيمونها في شتى المدن على امتداد خارطة الوطن، وإذ يكفي أن تزور إحدى المناطق بالمغرب، حتى يتناهى إلى مسامعك كلاما من قبيل "ذاك المشروع ديال الناظوري، هذاك ديال الريفي، وهداك ديال ولد الحسيمة، وهذاك راه ولد الدريوش للي فتح في ديك لبلاصة".

لكن المؤسف والمخزي والمحبط وهلّم يأساً، هـو التعامل المجحف لهذه الأبناك مع أبناء المنطقة، إذ رغم المداخيل الخيالية التي تجنيها على ظهورهم بفضل المعاملات التجارية فضلا عن الفوائد المتحصل عليها، وكذا المشاريع التي يستثمرون فيها، علاوة على ضخّ أبناء الجالية المنحدرة من المنطقة للودائع المالية الضخمة في خزائنها، لم نـرَ ولو بنكا واحدا ووحيدا قام بمبادرة تُسهم في الرفع من وتيرة تنمية أقاليم الريف الثلاثة، سواء في الناظور أو الدريوش أو الحسيمة.

فهل رأيتم يوما، بنكا واحدا يساهم لفائدة فريق رياضي في هذه المنطقة المنكوبة؟ هل قام بنكٌ واحد بإنشاء نادٍ للترفيه لأبناء إقليمٍ من هذه الأقاليم؟ هل رأيتم بنكا واحدا يقيم ورشات تكوينية لفائدة الشباب حول الاستثمار؟ هل ساهم بنكٌ واحد لصالح جمعيات في تنظيم تظاهرة؟ "لا أتحدث هنا عن فتات جوج دراهم لذر الرماد في العيون"، وهل رأيتم بنكا واحدا في هذه المنطقة يبادر للمساهمة بأي شكل من الأشكال في التنمية عموما؟.

أجـزم وكُلّي إيمان، بـأن دعم الأقاليم المذكورة هي آخر هـمّ هذه الأبناك، في الوقت الذي نرى فيه مشاريع تقيمها باِسمها خارج المنطقة وتمنح المساهمات المالية بسخاء لغير الفرق الرياضية بالمنطقة، وفي الوقت الذي توجد فيه أندية تابعة لمجموعة من الأبناك في مناطق أخرى، رغم أن أغلب هذه الأموال التي يتم بها دعم هذه المبادرات قادمة من الريف.

كلّ هـذا الذي يقف غصّة في حناجرنا كحجرة عثرة بمقدورنا أن نتجرعه بسهولة بجرعة ماء حامدين شاكرين اللـه كـالذي لا حول له ولا قوة أمام الأمر الواقع، لكن الطامة الكبرى يـا سادة، هي عندما اِنطلق مشروع "اِنطلاقة" الخاص بدعم شباب المقاولات تحفيزاً لهذه الفئة على إنشاء المشاريع الصغرى والمتوسطة بسائر ربوع الوطن الواحد، رأينا كيف تعالت شكاوي أبناء المنطقة من "الإقصاء غير المفهوم" الذي لا نعرف ما إذا كان "ممنهجا" من طرف الأبناك أم ثمة تفسيرٌ آخر يعجز عقلنا الصغير على اِستيعابه؛ وعـوض أنْ تُقدم المؤسسات البنكية الدعم للشباب المؤهل لإنشاء وتسيير المشاريع أصبحت ترفض غالبيتها بدون تعليل، بل الأنكى أنها أصبحت تمنح قروضا لفائدة أشخاصَ قادمين من خارج المنطقة، وليس هناك تعليقٌ أصدق من مقولة "خبز الـدار ياكلـو لبراني".

وتأكيدا لتجليات شعارهـا الدائم "فلوسهم زوينة وهوما خايبين" في شاشة الواقع، تجد أطـر هذه المؤسسات البنكية وأقاربهم أول المستفيدين، بحيث يسارعون إلى نصب أنفسهم شركاء في مجموعة من المشاريع الخاصة، مستغلين موقعهم المهني للسمسرة، سواء في القروض البنكية أو عبر الضغط على بعض رجال الأعمال في صفقات مشبوهـة، بحيث لم يعد خافيا على أحد كيف يتم تسيير هذه الأمور وبشكل مفضوح ومكشوف يثير الامتعاض والتذمر.

أليس عيبا أن يعرف إقليمٌ أيّ إقليمٍ، ناهيك عن إقليمٍ كالناظور، أبناكَ كبرى، وعددًا لا حصر له من الوكالات البنكية والموظفين، ولا تساهم إحداهـا ولـو بنسبة 01،0 لصالح المنطقة التي تتواجد بها فروعها ووكالاتها؟، خصوصا إذا كان أبناء هـذه المنطقة يملئون خزائنها على الآخر بالعملة الصعبة فحسب ناهيك عن التعاملات التجارية الأخرى، إنه فعلا لَأمرٌ يدعونا إلى وضع علامة اِستفهام كبيرة حول "النظرة" التي يروننا بها هـؤلاء؛ فإما نحن مجرد أرقام باردة بلا وعي ولا كينونة بالنسبة إليهم، أو أننا حشرات لا نستحق ما ينجزونه بمناطق أخرى، علما إذا أقدم أبناء الجالية من هذه المنطقة على سحب أموالهم من الحسابات البنكية، فحتما سيؤدي ذلك إلى اِنهيار أرصدتهم البنكية، فهل هم يعقلـون؟.

إنّ السؤال الذي ينطرح تلقائيا، لماذا تشعرنا هـذه الأبناك كأننا مواطنون من درجة ثانية وأن الأولية لمحور الرباط الدار البيضاء وما جاورهما؟ ألم يحن الوقت بعد أنْ يعيد المسئولون بهذه المؤسسات على الصعيدين الجهوي والوطني، النظر في سياستهم المنتهجة إزاء مناطق الريف؟ لَربما تفادياً ليس للضربة التي لن تسقطهم أرضا وحسب هذه المرّة، بل لـ"النطحة" نطحة البقرة الحلوب التي اعتادوا على حلبها زمنا، وإذ يُقال في الرّيف من زمان "لـن تعرف من أين ستأتيك النطحـة".

السبت 30 أبريل - 12:32
مصدر : nadorcity.com.