الناظور…سلسلة الحوارات مع المبدعين : ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة الجزائرية امال بن شارف

الناظور…سلسلة الحوارات مع المبدعين : ضيفة حلقة الاسبوع  الكاتبة الجزائرية امال بن شارف
أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.

ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة الجزائرية امال بن شارف

أنا كاتبة تارة تنثر الكلام و أخرى تنظمه، مولعة بالمطالعة، قراءة الكتب هي أحب هواياتي، أعشق الطبيعة فصولها و تفاصيلها. متحصلة على دكتوراه في الأدب الإنجليزي و لي مؤلفين. أنا أيضا أم لطفل رائع.

أنا حاليا أقرأ لروبن شارما كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان “نادي الخامسة صباحا”. أما عن أجمل كتاب قرأته فهو كتاب “تاريخ القراءة” لألبرتو مانغويل، كتاب لا يُشبع منه، رحلة شقية بين الكتب يستهلها الكاتب بوصف حبه للقراءة.

بدأت الكتابة في سن الاثنتي عشر، قبلها كنت أكتب ولكن بطريقة أخرى

الرسم). بدأت بنظم الأشعار و المقالات الاجتماعية و الأدبية. لماذا أكتب؟ لأكون! أكتب لأكون، جئت في سبيل فكرة و أُوجدت لغاية ما، أنا أجسدها عن طريق الكتابة، الكتابة مصرح رحب لتغيير العالم و جعله مكان أفضل، لتبديل المعتقدات الهدّامة بأُخرى بناءة، الكتابة تحمل بين ثناياها طلق الخلود، لأخلّد هذه الحقبة التي نعيشها و أخلّد ثقافاتنا و مظهر الحياة الذي سيكون مختلفا حتما عما سيأتي من الزمان. أكتب لأتخلص من أحمالي أو كما قال جبران من ثماري التي أنضجها الألم و ترادف التجارب.

ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في ازقتها وبين دروبها؟

أتوق إلى زيارة فينيسيا أتمنى أن أحتسي فنجان قهوة في مقهى فلوريان الذي يكشف أسرارها ٳبان القرن الثامن عشر.

هل انت راضية على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟

أبدًا! لست راضية عن نتاج الأدبي، ليس لقلته و إنما لأنني لم أكتب بعد ما يريحني من عبء الكتابة! و لم ألق بعد بتلك الكلمة التي لم تبلغ الحلقوم بعد. سوف أنشر قريبا كتابي أسوار المدينة الخيالية، كتاب قيد الطبع حاليا، و لي رواية أعتنق فيها الواقعية للمرة الأولى، و أكاد أجزم أنها تكتبني لا أنا التي أكتبها، هي بعنوان ” Guantanamo Rio-Salado”

متى ستحرقين اوراقك الابداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟

عندما تحرق ورقتي أو صحيفتي في عليين. بالنسبة لي فعل الكتابة هو ترادف لفعل الحياة.

ماهو العمل الذي تتمنين ان تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟

ماجدولينء للمنفلوطي وThe Black Cat لEdge

أما عن طقوسي الكتابة! أحيانا أقيمها بالشمع و الموسيقى و التأنق و ترتيب المكان علّني أثير الإلهام فأصيب شيئا من الإبداع، و أحيانا تقتحمني رغبة الكتابة عنوة، تحتلني فتراني أكتب و أنا أطبخ، أو في الباص أو أقفز من فرشي لأدون جملة كأنما زركشت معانيها لا كتبت، و إذا لم أقيد صيد اللحظة الالهامية فر ولن يعود بالصورة التي تنزّل عليّ بها و ما أكثر ما يحدث ذلك.

8)هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرد خارج السرب؟

على حسب شخصية المثقف، مبادئه و قيمه و غايته، منهم من يرفع و يجر و يجزم و منهم من هو مبني على السكون. حتى التغريد خارج السرب يعتبر فعلا له رد فعل و من ثم أثر، العلة أن يكون المثقف حالا لا فاعلا.

ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية اقل بسبب الحجر الصحي؟وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟

الكاتب في جميع الاحايين يبرك قيد أفكاره، في خلوة لا عزلة يعتبرها الآخر مقصودة إلا أنها ليست عن خاطر، فالكتابة فعل معقد عويص يستوجب السكون و التركيز و الخلوة. و هاك سرّا عن الكتاب و الكتابة، الكاتب حتى وهو مع الجمع هو منفرد بأفكاره يحلل تصرف هذا و يعيد صياغة جملة ذاك و يسترق من الأشخاص مواصفات لشخصياته.

سؤال جميل جدا! شخصية واحدة قل مليون! طبعا أمزح لكنني لن أكتفي بواحدة سأكون طماعة، المنفلوطي، شارلي شابلن، كوكو شانيل، جبران خليل جبران، مي زيادة، لأنهم أثروا في حياتي بأعمالهم و تركوا بصمة صنعت فارقا. أريد أن ألتقي بفان جوخ أما هذا فأريد أن أخبره بأنه حتى و إن عاشا معدما يعاني الفاقة و الصرع لكن أحلامه ستتحقق و أن حلمه بأن تتحرك لوحاته معتمد في جميع معارض العالم و أن لوحاته هي الأغلى.

ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟

و لا شيئ! نفس الاحداث سأعيدها و لكن بوعي مختلف. و أقصدء ليستفيد القارئء أن أتحاشى وعي الضحية الذي هو صناعة المجتمع الذكوري و أتبع وعي المدرك الذي هو نتاج العلم و المنطق.

ماذا يبقى عندما نفقد الاشياء الذكريات ام الفراغ؟

يبقى الدرس! نعم، لا شيئ باق كلنا إلى الزوال و يبقى وجهك ربك ذو الجلال و الإكرام. الفقد درس ينقلنا من علم اليقين إلى عين اليقين، لكننا كثيرا ما ننشغل عن الدرس بوجع الذكرى أو بمرارة الفراغ متناسيين العبرة.

الى ماذا تحتاج المرأة في اوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟

و لماذا المساواة مع الرجل؟! أنا لا أحبذ فكرة الندية، كثيرا ما نقرأ عن ضرورة المساواة بين المرأة و الرجل العلاقة بين المرأة و الرجل هي علاقة مشاركة و تبادلات و ليست علاقة فوقية من الأحسن من فوق من. أما بخصوص المجتمع الذكوري نعم مجتمعنا ذكوري قح ذكوريته للأسف من صنع بعض النساء المطحونات الضعيفات المستكينات اللائي مازلن ينتج لنا عللا لا عداد لها. المرأة في هذا المجتمع ليست بحاجة لا لحكمة بلقيس و لا لجرأة السعداوي ، هي بحاجة لأن تتعرف على ذاتها بالتحصيل العلمي و تعرف مميزاتها نقاط قوتها و ضعفها و كيف تتواصل مع هذا العالم الذي يستغلها أسوأ استغلال تحت مسميات لا حصر لها أولها الدين و آخرها مصلحتها، ثم عليها أن تفرض حدودها و احترامها وفق معايير فلا تنتهك عاطفيا و نفسيا و بدنيا و ماديا و لا يكون ذلك الا باستقلالها المادي الذي يحميها من ذل السؤال و التبعية.

صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن مجموعتك القصصية اتي ستصدر قريبا ” أسوار المدينة الخيالية” كيف كتبت وفي أي ظرف ؟

هي مجموعة قصصية ذات طابع رومانسي رمزي ركزت فيها على بعض المعاني الفلسفية لسنة البقاء و الفناء للحب و الفراق للسياسة و غيرها…كتبتها على سنوات متفارقة و تأنيت في صياغتها. في الوقت الذي كتبتها فيه كنت أقرأ كتب التصوف مثلا قرأت لابن عربي و لأبي حامد الغزالي و غيرهم فتأثرت بهم و انعكس الجانب الروحاني الصوفي على بعض قصصي، كانت رحلة شيقة و مثيرة.

ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟

الأدب هو فن، و الإنسان القديم أو الأول حسب الدراسات التاريخية كان يمارس جميع الفنون. الادب هو متنفس الانسان و المكان المباح و القانوني الذي يمارس فيه هروبه من الواقع دون تأنيب من المجتمع، قد تأخذك قصة بعيدا عن حاضرك و قد تضمد رواية جرح قلبك و قد يسليك ديوان شعري في يوم أغبر عصرك حتى فاض بك، فلولا فسحة الأدب لما كانت مسحة الأمل و لما تنفسنا التفاؤل. هناك علاقة تناقضية بين الأدب و الواقع أحيانا هو مرآته فيجد القارئ نفسه مكتوبا في رواية ما و تترجم ظروفه و الصراعات التي يعيشها و يشعر أنه ليس وحده و قد يجد حلا! و علاقة عكسية قد يكون الأدب فانتازيا كسلسلة هاري بوتر أو قصتي “زهرة” يهرب بك بعيدا عن الواقع و يُعيشك في عالم الخيال أين كل شيئ ممكن. جدواه محلها محل الدواء من الداء.

كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟

تجربة جيدة، و لديها صدى قوي في أيامنا هذه لكنها ليست آمنة لأن أي كاتب ممكن أن يتعرض للسرقة الأدبية أو الفكرية، لذلك إذا لم يكون العمل محفوظ في ديوان حفظ حقوق المؤلفين لا للمغامرة.

هناك ذكريات جميلة كثيرة، أجمل ذكرى في حياتي عندما فزت بامتحان الماجستير في حين راهن الكل على خسارتي و عندما أنجبت ابني آدم. و أسوأ ذكرى عندما توفيت والدتي رحمة الله عليها و أنا مغتربة.

أود أن أشكرك جزيل الشكر على هذه الأسئلة المصاغة باحترافية كنت أتمنى أن تصادفني أسئلة بهذا العمق، تحياتي لك و لمهنيتك العالية. وشكرا لكل قارئ أعطاني من وقته ليتابع هذا الحوار و يتعرف علي. تحياتي لك أستاذ رضوان بن شيكار و للقراء الكرام.

10 نوفمبر 2021
مصدر : ariffino.net.