المغرب يبدو أكثر استعدادا للحرب من الجزائر.. 3 مؤشرات تدل على ذلك

المغرب يبدو أكثر استعدادا للحرب من الجزائر.. 3 مؤشرات تدل على ذلك
عرفت العلاقات المغربية الجزائرية توترا متصاعدا في الشهور الأخيرة، وصل في الأيام الأخيرة إلى حد التلويح بالحرب، خاصة بعد إعلان الجزائر عن مقتل 3 من رعاياها في منطقة الصحراء المغربية، متهمة القوات المغربية باستهداف شاحنات جزائرية بـ”سلاح متطور” في إشارة إلى طائرة عسكرية بدون طيار “درون”.

وبالرغم من أن كل المعطيات المتوفرة حاليا حول هذه الواقعة، تطرح تساؤلات كثيرة تُضعف الرواية الجزائرية، وتصل إلى حد جعل النظام الجزائري هو المسؤول الأول عن مصرع 3 من رعاياه، إلا أن قصر المرادية، حسب عدد من المتتبعين، قرر أن يهرب إلى الأمام وتوجيه اتهامات مباشرة إلى المغرب وتصعيد اللهجة بالقول إن الحادث “لن يمر بدون عقاب”.

وبمراجعة كرونولوجيا الأحداث، يتضح أن لهجة الجزائر تُجاه المغرب، عرفت نبرة تصعيد تدريجية، بالرغم من أن الملك محمد السادس حاول في الصيف الماضي في خطاب العرش وضع حد للتوتر بدعوة الجزائر لطي صفحة الخلافات وبدء صفحة جديدة قوامها الاحترام المتبادل، إلا أن التصعيد الجزائري لم يتوقف بسبب ما يصفه نظامها بـ”الأعمال العدائية المغربية”، فقرر قطع العلاقات الديبلوماسية كاملة مع الرباط، وغلق الأجواء الجزائرية أمام الطائرات المغربية سواء المدنية أو العسكرية، ورفض تجديد اتفاق أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي وصولا إلى التهديد بالحرب بعد حادثة مصرع 3 جزائريين التي لازال يلفها الكثير من الغموض.

وتُبرر الجزائر هذا التصعيد، بـ”الأعمال العدائية” التي يقوم بها المغرب تجاه الجزائر، كدعمه لحركتي “ماك” و”رشاد”، والوقوف وراء حرائق “تيزي وزو”، والتجسس على مسؤولين جزائريين ببرنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي، وهي كلها اتهامات لم تُقدم الجزائر دليلا واحدا على تورط المغرب فيها، عدا تصريح المندوب المغربي لدى الأمم المتحدة بشأن تقرير مصير منطقة القبائل، والذي كان قبل الخطاب الملكي الذي دعا فيه إلى طي صفحة الخلافات وأعلن فيه بأن الجزائر لا يُمكن أن يأتيها الشر من جارها المغربي.

محاولات المغرب لإنهاء فتيل النزاع مع الجار الشرقي، لم يُقابله ركون إلى أمل يبدو مستحيل التحقيق، وفق تصريحات عدد من المحللين لهذا النزاع، فأصحاب القرار في المغرب، يبدو أنهم يدركون أن نظام الجنرالات في قصر المرادية لا يعرف إلا لغة واحدة، هي لغة القوة، وهو ما يفسر استعداد المغرب في الفترة الأخيرة لكافة الاحتمالات، وأبرزها احتمال الحرب.

من أبرز المؤشرات التي تدل على أن المغرب يهيئ نفسه منذ فترة لاحتمال الحرب، خاصة في ظل عدد من التوترات الإقليمية المحيطة به سواء مع الجزائر أو مع البوليساريو، وحتى مع إسبانيا، هي صفقات التسلح العديد التي أقدم عليها في فترة قصيرة، وما يثير فيها هي أنها صفقات تسلح “مركزة” بحسب خبراء في المجال.

وبمراجعة صفقات التسلح التي أبرمها المغرب في العامين الأخيرين، يُلاحظ تركيزه على الأسلحة المتطورة التي تشتغتل بتكنولوجيا بالغة الدقة، وأبرز هذه الصفقات، هي صفقات اقتناء الطائرات العسكرية بدون طيار “درون”، حيث يمتلك حاليا 3 من نوع “هيرون” و4 من نوع “هيرميس 900″، وهما نوعان من صنع إسرائيلي ويتميزان بقدراتهما العالية في تنفيذ الهجمات، إضافة إلى 13 “درون” أخرى من صُنع تركي من نوع “بيرقدار تي بي 2” تتميز بالقدرة على التجسس ورصد الأهداف.

كما أن المغرب تمكن في العام الماضي من تحديث ترسانته العسكرية الجوية المتعلقة بمقاتلات F 16 بعد صفقة مع شركة أسلحة “لوكهيد” الأمريكية، وقام في نفس العام بالحصول على أنظمة دفاع أرضية وجوية متطورة، عبر 4 مصادر تسلح متنوعة، هي تركيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، كأنظمة باترويوت، من أجل تعزيز قدراته الدفاعية والهجومية في نفس الوقت.

مؤشر آخر يدل على أن المغرب يهيء نفسه لكل الاحتمالات، وأبرزها احتمال الخرب، هي التداريب العسكرية المستمرة التي خاضتها القوات المغربية في العامين الأخيرين، مع العديد من القوات العسكرية الدولية، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن بين أقوى التداريب العسكرية، هي تداريب الأسد الإفريقي التي جرت في الصحراء المغربية خلال يونيو الماضي، بين القوات المغربية والقوات الأمريكية وبمشاركة قوات أجنبية أخرى تنتمي لدول كبريطانيا والبرازيل وكندا وتونس والسنغال وهولندا وإيطاليا.

ويُعتبر هذا التدريب من أبرز التداريب المهمة للقوات المغربية، لأنه يحاكي المواجهات الحربية في الصحراء، وكيفية القيام بالهجمات وعمليات التغطية الدفاعية بالمقاتلات الجوية في نفس الوقت، وقد كانت جميع التداريب التي خاضتها القوات المغربية بجانب القوات الأمريكية ذات فاعلية كبيرة ودقيقة.

كما خاضت القوات المغربية إلى جانب القوات الأمريكية تداريب عسكرية أخرى جوية وبحرية قبالة السواحل الأطلسية المغربية، بمشاركة حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور”، حيث حاكت فيها القوتان الجويتان المغربية والأمريكية المواجهات العسكرية في الجو.

وشاركت أيضا فرق من القوات المغربية الخاصة “كوموندوس”، إلى جانب فرق القوات الأمريكية الخاصة، في مدينة طنجة هذا العام، تداريب عسكرية تحاكي العمليات السريعة والخاصة التي تقوم بها هذه القوات في العمليات العسكرية التي تتطلب مهارة ودقة وفاعلية عالية.

كما شاركت قوات مغربية خاصة أخرى لأول مرة، بعد استئناف العلاقات مع إسرائيل، في تدريب عسكري أقيم في تل أبيب شاركت فيه أيضا قوات من الأردن وقد شمل التدريب هذه السنة التمرن على طلقات أسلحة ذرية من مسافات قصيرة، والقنص العسكري، والتدرب على المعارك في المناطق السكنية، إضافة إلى التدرب على إخلاء الممرات تحت الأرض، وهي كلها تداريب ترفع من قدرات القوات الخاصة في إدارة المعارك والمواجهات المباشرة.

تُشكل عملية تحرير معبر “الكركرات” الحدودي بين المغرب وموريتانيا، من طرف القوات المغربية في نونبر 2020، من العمليات العسكرية التي تتميز بالسرعة والفاعلية، حيث قامت القوات المغربية بطرد عناصر جبهة “البوليساريو” وميليشياتها من المعبر ومحيطه وإعادة حركة التنقل التجاري بعد أكثر من أسبوع من الإيقاف بسبب “غطرسة” الجبهة الإنفصالية التي حاولت الضغط على المغرب بإيقاف الحركة التجارية بهذا المعبر.

وكشفت مصادر عسكرية، أن التدخل العسكري المغربي، استعمل عنصر المباغثة والسرعة في الإنجاز، مما مكن من تطهير المعبر وفرار عناصر “البوليساريو” في الساعات الأولى من صبيحة الجمعة، ثم قامت القوات المغربية بعد ذلك ببناء حزام أمني بمحيط المعبر لازال صامدا أمام “تحرشات” ميليشيات البوليساريو التي تتحدث عن أقصاف مستمرة لمحيط المعبر دون أي جدوى.

واعتبر متتبعون للنزاع في الصحراء، أن عملية الكركرات، انتصار عسكري جديد للقوات المغربية، حيث أصبح واقعا مفروضا، وأصبحت الحركة التجارية بين المغرب وموريتانيا وباقي الدول الإفريقية الغربية مضمونة، في الوقت الذي كانت جبهة “البوليساريو” تسعى للتوسع والوصول إلى المحيط الأطلسي عبر هذه المنطقة.

كما تشير هذه العملية العسكرية، أن القوات المغربية تبدو واعية جدا بتضاريس المنطقة وكيفية التعامل معها، وتمتلك الخبرة للتدخل السريع والفعّال وهو ما يُمكن أن يعتبره الكثير من المتتبعين لقضية الصحراء، أن القوات المغربية مستعدة أكثر من أي وقت مضى لأي مواجهات عسكرية وحربية في الصحراء.

6 نوفمبر 2021
مصدر : ariffino.net.