المجلس العلمي للناظور يعزي في وفاة الفقيه محمد الغفياني متأثرا بمضاعفات حادثة سير صادمة

المجلس العلمي للناظور يعزي في وفاة الفقيه محمد الغفياني متأثرا بمضاعفات حادثة سير صادمة
توفي قبل عصر الجمعة 05 ذي الحجة 1442هـ/16 يونيو2021م، الفقيه الجليل السيد محمد الغفياني متأثيرا بحادثة سير مميتة في الطريق المؤدية إلى أزغنغان.

وشغل الفقيه المولود عام 1960 منصب الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد، وتلقى تعليمه الأساسي بدواره بأولاد أزباير إقليم تازة لينتقل بعدها إلى الدراسة بالجبالة متوجا منها بحفظ بعض المتون العلمية والأنصاص القرآنية ليقفل راجعا إلى مدشره مهيأ لأداء أمانة تعليم القرآن الكريم وإمامة الناس.

عاش السيد الغفياني مرتبطا بالمسجد، سباق الخطى إليه لا ينقطع عن الحضور للإمامة والخطبة التي يلقيها كل جمعة ويستفيد منها عامة الناس، وقد شارط في مساجد عدة يؤنس الناس ويستأنسون بصوته الشجي عند قرأتهللقرآن الكريم الذي كان يجيد حفظه وترتيله. ولم يكن يتردد الفقيه في ملازمة المسجد للقيام بما يمليه الواجب من آذان وإمامة وخطبة ووعظ وإرشاد وإصلاح ذات البين.

والرجل كان يحبنا ونحبه يجلنا ونجله، حديثه كله استطرادات ومستملحات وطرائف مما جعل الناس يقبلون عليه ويحبونه ويشرفون بمجالسته ومرافقته خاصة الأئمة والفقهاء. إننا نأسف كثير على رحيل هذا الإمام وبهذه الطريقة المأساوية، فعندما نعي الينا تلقينا النبأ بأسى وأسف شديدين.فأقدار الله تعالى حملته الى أن يلقى حتفه عند عبوره الطريق متوجها إلى مسجده ببراقة ليؤم الناس في صلاة العصر التي هي الصلاة الوسطى وشهود جنازة كانت ستحضر الى المسجد.

فكُلُّ ناعٍ فَسَيُنعى     **       وكُلُّ باكٍ فَسَيُبكى

وكُلُّ مَذخورٍفسَيَفنى   **    وكُلُّ مَذكورٍ فسَيُنسى

لَيسَ غَيرَ اللَهِ يَبقى   **     فمَن عَلا فَاللَهُ أَعلى

نعم، الله أعلى وأقوى وأقدر والله أكبر، ولذلك كتب لذاته العالية الخلود والبقاء،(ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وقضى على خلقه بالموت والفناء

ونحسب- ولا نزكي على الله أحدا- أن الرجل كان من أهل الخير فقد اتصف بالتقوى وحسن الخلق وجميل السجايا. زاهد، عابد، كان محافظا على الفرائض وملازما للمسجد لا يبرحه، فلا يكايد يخرج منه حتى يشتقى للعودة اليه، مبتعدا عن المحرمات، واصلا لرحم، والقربات لسانه رطب بذكر الله، بينه وبين الله خبايا وأسرار من تذلل وتواضع وخضوع، وقيام، وصيام، وكثرة تضرع، وصحبته للقرآن، وبعده عن العجب والغرور والكبر والمن واللغط. الابتسامة لا تفارقه، بشوشا بين أصحابه وأصدقائه. عليه سمت وهيبة الدين ولا يخرج عن عرف أهل البلد، ويحرص على دعوة الناس وإرشادهم.

وكثيرا ما يصبر عن آذى الخلق عند مخالطتهم وهو في المسجد وفي الحج، فيروي لنا رحمه الله عن قصة حجته التي وفق اليها عام 2019م، أنه حرص على أن يخدم الحجاج ويقدم لهم كل ما في الإمكان خاصة من يضل الطريق من كبار السن والعجزة. وصاحبهم، وحج بهم وسعى في خدمتهم وتسهيل مأموريتهم.

في خطبه ووعظه يبلغ شرع الله، ويصبر الناس ويفتح لهم باب الفأل ويوجههم الى تجنب اليأس والقنط. كان حريصا على جمع الكلمة وتوحيد الصف وإصلاح ذات البين.

وقد تأثر كثيرا بسلوك شيوخه الذين حفظ على أيديهم القرآن الكريم وارتوى من بعض العلوم بدواره وبجبالة منهم الشيخ الفاضل العلامة: أحمد العزوزي.

وعرفه الناس قبل أن يلتحق بالناظور إماما جهبذا معلما للقرآن الكريم بإحدى مساجد ميضار إقليم الدريوش حاليا سنة 1992، وقد قضى مدة39 سنةمن عمره كلها في الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد.

ونرجو بموتته هذه الفجاءة وهو في طريقه للمسجد للصلاة الوسطى ولشهود الجنازة، وفي يوم الجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس، وفي الأيام العشر من ذي الجحة. موسم الحج والعمرة، أيام اجتماع أمهات الفضائل كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،نرجو أن تكون موتة الشهداء(ولا نزكي على الله أحد).

 وإن من أهم الأثار التي ستخلد ذكره، بعد رحيله، هذا القرآن الذي علمه ورثه، وهذا الطيب من الكلام الذي كان يسمع منه ويفصح به عن مكنونه، وهذا القلب المهموم الذي اتسع لكل الناس، وهؤلاء الأشبال الأبناء والبنات الذين سعى لتربيتهم وتعليمهم وتكوينهم، فهنيئا لسيدي محمد الغفياني الصديق الكبير والمحب العزيز. ولتنم قرير العين، فإن لك من يخلفك في هذه الدنيا الفانية مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

غفر الله له ورحمه رحمة واسعة وقابله بكرمه وامتنانه وألبسه حلة رضوانه وأنزله خير فردوسيه في جوار أوليائه وأصفيائه ورزق أهله وذوييه الصبر والسلوان. أمين.

20 يوليو 2021

مصدر : ariffino.net.