مغاربة العالم يرصدون إمكانات تنمية المشاريع واستثمار التحويلات المالية‎

مغاربة العالم يرصدون إمكانات تنمية المشاريع واستثمار التحويلات المالية‎
أجمعت مداخلات المشاركين في الندوة المُنظمة من طرف قناة “أواصر تيفي”، التابعة لمجلس الجالية المغربية بالخارج، على أهمية اشتغال الدولة المغربية على الجانب الاستثماري بالنسبة إلى مغاربة المهجر، في إطار التوصيات العامة الواردة ضمن تقرير اللجنة الوطنية لإعداد النموذج التنموي لـ”مغرب 2035”.

وفي سياق الحديث عن الاستثمار، قال كريم عمور، رئيس الجهة 13 للاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن “الاتحاد يمثل قرابة 90 ألف مستثمر مغربي بالبلد، ومهمته تتمثل في تقديم مجموعة من الخدمات المتنوعة من أجل تسهيل المساطر الإدارية والتقنية والمالية، وهو ما من شأنه تشجيع الاستثمار في شتى الميادين”.

وأضاف عمور، خلال اللقاء المسائي الذي نظمته قناة “أواصر تيفي” حول إمكانيات تنمية المشاريع واستثمار التحويلات المالية، أن “الجالية المغربية المقيمة بالخارج ترتبط أشد الارتباط بالمملكة، الأمر الذي تعكسه الرغبة الملحة في الاستثمار بالبلد؛ وهنا يأتي دورها لتحقيق الانسجام بين الطرفين بما يعود بالنفع الاقتصادي على الجميع”.

وبخصوص أدوار الاتحاد العام لمقاولات المغرب في الشق الاستثماري، أوضح المسؤول عينه أن “الاتحاد يتوفر على مكاتب بكل الجهات؛ ومن ثم يعمد إلى توفير المعطيات الجغرافية والتقنية والمالية والاجتماعية للمستثمرين المغاربة، خاصة أن النموذج التنموي يركز بالأساس على البعد الجهوي”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الاتحاد العام لمقاولات المغرب يعطي صورة مدققة عن واقع الميدان الذي يشتغل فيه المستثمر المغربي بالخارج، قبل أن يتم ربطه بمستثمر آخر راكم تجربة واسعة في مجاله، الأمر الذي يحقق التفاهم الكامل بين الجانبين، لأننا ننتقل من التنظير الاستثماري إلى الواقع العملياتي”.

وأضاف رئيس الجهة 13 للاتحاد العام لمقاولات المغرب أن بعض “المستثمرين المغاربة يصطدمون بعقبات ميدانية أثناء حلولهم بالبلد، خاصة ما يتعلق بإنشاء الشركات الاقتصادية، حيث يستغرق ذلك فترة زمنية قد لا يستسيغها المستثمر الذي يكون محكوماً بعطلة قصيرة، مما يجعله يُحبط في الكثير من الأحيان بسبب نقص الملف”.

من جهته، أبرز جمال بويور، أستاذ باحث في الاقتصاد بفرنسا، أن “النموذج التنموي ليس غاية في حد ذاته، بل يبقى مجرد إطار عمل ونقطة انطلاق ينبغي على الجميع المساهمة فيها، قصد خلق نقاش عمومي فعال ومنتج”، مؤكدا أن “نموذج التنمية قدّم الكثير من الأفكار للمغاربة بجرأة غير مسبوقة، لكنها تبقى غير كافية”.

ولفت بويور الانتباه إلى أن “الأساسي في العملية يتجلى في إرجاع الثقة للمغاربة المقيمين بالمهجر قصد تحفيزهم على الاستثمار الذي يعد مجالا ثانويا بالنسبة إليهم، لأن أغلبهم عبارة عن أشخاص مهنيين لا يشتغلون في مجال الأعمال، بل يتجلى الهدف الأساسي في مساعدة الأسرة المقيمة بالبلد”.

وتابع الأستاذ الجامعي قائلا إن “التحويلات المالية ارتفعت بشكل أساسي في ظل الجائحة العالمية”، معتبرا أن “معدل الاستثمار الخاص والعام بالمغرب يبلغ 36 بالمائة، لكنه حقق نموا اقتصاديا لا يتعدى 4 بالمائة طيلة العشرين سنة الأخيرة، فيما يفترض أن يُحقق نموا ماليا قدره 7 بالمائة على الأقل”.

ورصد الباحث المغربي إشكالية غياب النجاعة الاستثمارية بالمملكة، داعيا السلطات العمومية المعنية إلى الانكباب على حلّها، خاصة ما يتعلق بتعزيز الثقة من جهة، وتغيير المناخ الثقافي والاقتصادي بشكل عام من جهة ثانية.

وخلص المتدخل إلى أن “التحويلات المالية المهمة لا تعني بالضرورة الثقة في النظام المالي، بل تعني بأن الجالية تثق في الأسرة بالدرجة الأولى، مما يعكس التنوع الفكري والديمغرافي للجالية، التي لا يمكن الحديث عنها بشكل موحد، وهو ما يتطلب ضرورة الاشتغال على الهوية الثقافية لمغاربة الخارج، حتى ننتقل من إشكالية الثقة إلى إشكالية التماسك الاجتماعي”.

أما زكرياء فيرانو، الأستاذ الباحث في الاقتصاد والمالية بالمغرب، فقال إن “التقرير أساسه تعزيز الثقة، مما يتطلب تضافر الجهود لبناء نموذج التنمية المأمول، وهو الطموح المشترك الذي نتقاسمه جميعا، ونستشرف من خلاله مغرب المستقبل المبني على الثقة”.

واستطرد فيرانو قائلا إن “السوق الاستثمارية المغربية ستتغير بالتأكيد بحلول سنة 2035، مما يستلزم أهمية الاستفادة من دروس التجربة الصينية الملهمة في بناء النموذج التنموي الجديد، الأمر الذي سيُمكن من إدماج مغاربة الخارج في هذا المسلسل التنموي بأكمله”.

ومن أجل بلوغ الأهداف المرسومة في تقرير نموذج التنمية، ينبغي، وفق المتحدث ذاته، القيام بجولات تواصلية تستهدف مغاربة الخارج بغية شرح المقاصد العامة والخاصة لهذا النقاش العمومي الرامي إلى استرجاع الثقة في الدولة، عبر زيادة حجم الاستثمار في السنوات المقبلة.

ولتحقيق تلك الثقة ينبغي الانتقال أولاً من الثقة الأسرية والاجتماعية إلى نظيرتها الاقتصادية، حتى لا يقتصر الأمر على التحويلات المالية فقط، وإنما يجب أن تشمل الاستثمار الخاص كذلك، يضيف الأستاذ الباحث، الذي ركز على أهمية تدعيم الروابط الثقافية مع الجيلين الثالث والرابع من مغاربة الخارج.

17 يوليو 2021
مصدر : ariffino.net.