نادي الصحافة بثانوية حمان الفطواكي يسلط الضوء على حامات مولاي علي الطبيعية بجماعة أولاد ستوت

نادي الصحافة بثانوية حمان الفطواكي يسلط الضوء على حامات مولاي علي الطبيعية بجماعة أولاد ستوت
حامات مولاي علي الطبيعية... ثروة مائية استشفائية غير مستغلة عقلانيا في تدعيم تنمية جماعة أولاد ستوت

على بعد 13 كيلومترا من جماعة أولاد ستوت الواقعة في إقليم الناظور شرق المغرب، تتراءى لزائر المنطقة أفواج من العائلات والسياح وقد تحلقوا حول عدد من عيون المياه الطبيعية يسقون من مياهها أو يستحمون طلبا لفوائدها العلاجية.

إنها سبعة عيون متجاورة، تتدفق مياهها منذ عشرات السنين في اتجاه نهر ملوية، أكبر واد في الجهة الشرقية، وتحمل هذه العيون اسم "حامات مولاي علي" تيمنا بأحد شرفاء المنطقة. تجتذب هذه الحامات طيلة السنة، العشرات من سكان المنطقة الشرقية وأيضا مغاربة المهجر. مياه لا زالت تتدفق بكرم، لكنها في الوقت الراهن، خارج أي مخطط تنموي، يجعل تثمينها من خلال توفير التجهيزات والبنيات اللازمة، سبيلا لحماية البيئة وتعزيز الحركة السياحية في المنطقة. فما الذي يقف حجر عثرة أمام تثمين هذا المورد الطبيعي المهم في جهة تعرف ندرة في عدد العيون الطبيعية، ويضربها الجفاف في أغلب الأوقات؟

فريق نادي الإعلام والصحافة بثانوية حمان الفطواكي يستكشف واقع الحال بحامات مولاي علي، حيث اطلق الفريق في حدود الساعة التاسعة صباحا من يوم الأربعاء، العاشر من مارس 2021، في اتجاه حامات مولاي علي، من أجل الاستكشاف، وإيجاد إجابات شافية حول سبب عدم الاستغلال العقلاني لهذه الثروة البيئية والاقتصادية.

عند الوصول إلى جماعة أولاد ستوت عبر الطريق الوطنية رقم 2، سلك فريقنا الصحافي الشاب، طريقا قرويا معبدا طوله 11 كيلومترا مؤديا إلى هذه الحامات. على مشارفها، انتشرت العشرات من حقول البرتقال والزيتون ومختلف الخضروات، رابطة بين سهل صبرة الفلاحي ووادي ملوية.

عند وصولنا إلى حامات مولاي علي، اجتذب أسماعنا في البداية هدوء المكان وخضرته، اللذين يتخللهما خرير المياه وزقزقة العصافير والطيور المهاجرة. طيور قادمة من مختلف بلدان القارة الإفريقية لتجد في نهر ملوية بمجاريه وعيونه ومنظومته البيئة، محطة أساسية في رحلتها نحو دول الشمال الأوروبي.

هذا النهر بمنظومته البيئية واحد من أهم المناطق الرطبة عالميا حسب اتفاقية رامسار. هذه الاتفاقية الدولية تهدف إلى الاستخدام المستدام للمناطق الرطبة من أجل تدارك مهامها الإيكولوجية الأساسية، وتنمية دورها الاقتصادي، الثقافي، العلمي وقيمتها الترفيهية. من هنا تكمن الأهمية البالغة اقتصاديا وبيئيا لحامات مولاي علي، فما حال كل هذه المؤهلات اليوم؟

في عين المكان، تكشف لنا، أنه باستثناء الطريق المعبد المؤدي للحامات، لا وجود لبنيات تساهم في تثمين هذه الثروة. وزاد الطين بلة الاستغلال العشوائي للمياه من طرف صغار الفلاحين. كيف ذلك؟ حفر آبار غير مرخصة. استغلال مفرط وغير معقلن للمياه باستخدام محركات المحروقات الملوثة. استعمال أسمدة قد تكون سببا في تلويث مياه ينابيع الحامات ومعها الوادي. ينضاف إلى ذلك، إنشاء الفلاحين أبنية عشوائية بالآجور والإسمنت قرب الحامات ومجرى النهر ما يفسد جمالية المنظر.

يوضح الحاج قدور وهو أحد الفلاحين المستفيدين من مياه الحامة والوادي في سقي محاصيله من الطماطم والبطيخ، أن "هذه المياه مورد الساكنة الوحيد. لولا الوادي والحامة لجف كل شيء ولهاجرنا إلى المدينة للبحث عن بديل. في موسمي الربيع والصيف يأتينا الكثير من الزوار، نبيع لهم شيئا من محاصيلنا ونقدم لهم الأكل والشرب، وبعد ذلك نستمر في الفلاحة. هذا المكان يحتاج إلى التفاتة حقيقية من طرف المسؤولين لأن الضغط ازداد عليه".

إضافة إلى ضغط الاستغلال الفلاحي، تطرح طريقة استفادة مريدي الحامات من فوائد مياهها مشاكل إضافية. في عين المكان تغيب مواقف للسيارات، وبنيات استقبال متلائمة مع طبيعة المكان، تمكن من عقلنة استغلاله، فتجد السيارات قد داست على مختلف النباتات، فيما يترك الزوار نفاياتهم مشتتة هنا وهناك، إلا من كان منهم يعي بأهمية تلك الثروة.

مواطن من المنطقة رفقة أبنائه وهو يستحم داخل المياه الاستشفائية للحامات (صورة التقطها مصور جماعة أولاد ستوت)

أحد هؤلاء عبد الله القادم من بركان رفقة عائلته وأبنائه للاستشفاء والاستفادة من جمالية الطبيعة. يقول عبد الله بكثير من التحسر على حال الحامات "إنها ثروة ضائعة. صحيح نستفيد من مياهها الغنية بالأملاح المعدنية، لكن انظروا إلى هذه الفوضى. يجب إنجاز مشاريع حقيقية، وأظن أن الجميع سيستفيد منها وسنحافظ على هذا المكان الجميل".

في هذا الباب، يوضح سعيد بخوتة، مدير مصالح جماعة أولاد ستوت في تصريح أدلى به لنا في عين المكان، أنه "في غياب مشاريع سياحية حقيقية، تنهض بتنمية المنطقة، ستبقى الحامات محطة نهب وتخريب، من طرف بعض الفلاحين الصغار، أو من طرف بعض الزوار". ويؤكد المسؤول الجماعي أن "الخدمات السياحية شبه منعدمة، باستثناء بعض الخدمات الموسمية البسيطة التي يقدمها السكان المحليون للزائرين".

طالبة في فريق نادي الإعلام تستجوب مدير مصالح جماعة أولاد ستوت (صورة التقطها فريق النادي)

أمام هذا الواقع وتلك الممارسات، تجد جماعة أولاد ستوت، التي تأسست سنة 1992، بعدما انفصلت إداريا عن جارتها مدينة زايو، نفسها غير قادرة على تغيير الواقع في تلك الحامات لعدة أسباب. أولها أنها لا تتوفر على موارد مالية كافية لاستثمارها في المؤهلات السياحية والاقتصادية التي تتيحها هذه الحامات الطبيعية.

فبحكم حداثة سنها، كما يقول مسؤولوها، أعطت الجماعة وما زالت، الأولوية للبنيات الأساسية التي يحتاجها سكانها من طرقات وقناطر ومياه صالحة للشرب ومستشفيات ومدارس... إضافة إلى مصاريف التسيير، وما يزيد من تعقيد مهمتها هو مساحتها الشاسعة (404 كلم مربع) وكثرة وتشتت الدواوير والقرى داخل ترابها.

لهذا السبب اضطرت الجماعة للاستدانة من صندوق التجهيز الجماعي التابع لوزارة الداخلية، وهو صندوق بمثابة بنك عمومي يقدم القروض للجماعات المحلية من أجل دعم مشاريع البنيات التحتية والأساسية. وما زال في ذمة الجماعة إلى حدود اليوم نحو 500 مليون سنتيم كدين وجب عليها تسديده للصندوق. هذا الوضع المالي للجماعة دفعها قبل سنة، لمراسلة وزارتي السياحة والداخلية، إضافة إلى مجلس جهة الشرق وعمالة الناظور، من أجل المساهمة في التخطيط لمشروع متكامل هدفه تثمين مؤهلات حامات مولاي علي، حتى تصير مقصدا سياحيا مستداما يساهم في التنمية دون الإضرار بالبيئة. هل حصل مسؤولو الجماعة على الرد الشافي؟ لحد الآن، لا كما يؤكدون، إضافة إلى أنهم لا يعرفون مدى أولوية هذا المشروع في مخطط التنمية الجهوي.

أمام قلة ذات اليد التي تواجهها جماعة أولاد ستوت، والضغط المتزايد على الحامات نظرا لفوائدها الفلاحية والعلاجية، يرى المسؤولون المحليون ومعهم جمعيات المجتمع المدني الناشطة في المنطقة، أن تثمين مثل هذه الثروة ينبني على ركيزتين أساسيتين. أولهما تفعيل الديمقراطية التشاركية ومبدأ التضامن، بحيث يتم من جهة، إشراك جميع الجهات والأطراف المعنية بموضوع الحامات في اتخاذ القرار المناسب بشأنها، مع تضامن الجماعات والأقاليم المجاورة في عملية التثمين انطلاقا من دراسة جدوى المشروع وصولا إلى تنفيذه والتسويق له. أما الركيزة الثانية فتتمثل في نشر الوعي في أوساط الفلاحين وكذلك السياح بضرورة الحفاظ على مؤهلات الحامات وعدم تلويثها حفاظا على حق الأجيال القادمة فيها.

الخميس 27 ماي - 21:55



مصدر : nadorcity.com.