محمد بوتخريط يكتب : ممثلون أبدعوا وتألقوا رغم..!؟

محمد بوتخريط يكتب : ممثلون أبدعوا وتألقوا رغم..!؟
ممثلون أبدعوا وتألقوا رغم أن اسمائهم لا تحملها الأفيشات و الحملات الدعائية..

– اليوم مع الممثلة ابتسام عباسي… تألق وتميز رغم صغر مساحة الدور.

طبعا لا اختلاف في كون الممثل قد يضطرّ أحياناً و مرغماً إلى القبول بأدوار لا تعجبه من أجل الظهور وفرض اسمه او من اجل المردود المادي، مثلما يضطر لقبول تشخيص نفس “كاراكتر” شخصيات سبق وأن تقمصها من أجل لقمة العيش من دون إعطاء كل دور حقّه… وهنا – طبعا- لا يمكن أن نلوم الممثل على ذلك ..في خضم الوضع الصعب الذي يعيشه حاليا فنانون ومزاولون للمهن الفنية.

لكن يبقى على الممثل إن كان يسعى الى النجاح والتميز ، التنويع في اختيار الأدوار ، ليؤدي بالتالي شخصيات جديدة ومختلفة، وأن لا يسجن نفسه في شخصية معينة، ففي حال كرر “الشخصية ” ذاتها مرة ومرات فقد يؤدي ذلك إلى قتله تماما . وبالتالي عليه التنويع في اختيار الأدوار.. وهو ما نلمسه في مسار الممثلة ابتسام عباسي أو كما اسمها منقوشا في ذاكرتنا مازيليا عباسي.

قدمت خلال مشوارها التمثيلي القصير أدواراً مختلفة ومتناقضة، لفتت الانتباه إليها، نظراً إلى القدرة التي تتمتع بها في الخروج من شخصية لدخول في معالم شخصية أخرى تناقض الأولى، وتختلف عن شخصيتها الحقيقية، بل وعلى الشخصيات التي سبق وأن جسدتها كما شاهدناها في ” ايبيرتا”، ونشاهدها اليوم في “مغريضو”..

و تعتبر ابتسام عباسي من الممثلات اللواتي جسدن فعلا شخصيات مختلفة من خلال الأدوار التي أدتها، رغم صغر مساحة الدور، وكأنها باتجاهها نحو شخصيات جديدة بعيدة عنها وعن تلك التي سبق وان جسدتها تريد أن تشعرنا بتحدٍّ حقيقي وإخراج إمكانات من داخلها كانت ربما هي نفسها تجهلها. بدأت ابتسام مشوارها الفني بأدوار صغيرة، لكنها لفتت الأنظار إليها بموهبتها وتلقائيتها. ومع كل عمل تقدمه تخطو خطوة نحو الأمام.. شاركت في أعمال مختلفة، فكسبت تعاطف الجمهور مع شخصية الفتاة الفقيرة الطيّبة في

إيبيريتا)، ولاقت استحساناً في أدوار أخرى ولو ثانوية ، وشاركت في اعمال اخرى ، وجميعها شخصيات لا تشبه شخصيتها الحقيقة، إلا أنها زادتها غنى على المستوى الشخصي وصقلت موهبتها من خلالها.

قدمت في مسلسل “مغريضو ” الذي يعرض حاليا على قناة “ الامازيغية ” شخصية مختلفة تماما عن تلك التي تعوّدنا أن نراها فيها في أعمال سابقة، وهو دور فتاة يبدو عليها الهدوء والرزانة لكنها في المقابل “شريرة” وتسعى لأذية الآخر . ورغم قصر مساحة دورها ، فالمتعة هنا في كيفية التنقل من شخصية إلى أخرى على اختلاف أبعادها ومشاعرها وأحاسيسها وحتى شكلها الخارجي.. وهو ما فعلته ابتسام وأقتنعنا كجمهور وكمشاهدين بأنها فعلا ذاك الشخص الذي تتقمص شخصيته ، فتأتي ردود فعلنا بالتالي صادقة ومتعايشة مع الشخصية المجسدة..

ابتسام كذلك تبدوا عفوية جدا في تمثيلها، و العفوية عند الممثل- كما يعلم ذلك ذوي الاختصاص- تنعكس علينا تماما كمشاهدين وتقنعنا بأن هذا الشخص هو فعلا الشخصية التي نراها أمامنا ، مهما كانت معقدة ..

ربما يعود اتقان ادوارها الى احتكاكها الدائم بالناس وخوض التحديات والتجارب ، فابتسام علاوة على كونها ممثلة سنيمائية ومسرحية وتلفزية هي ايضا مناضلة ، ناشطة ‘حراكية’ ، فاعلة جمعوية ، سياسية وناشطة حقوقية ، مقدمة برامج ومندوبة كشفية ، طالبة حاصلة على الماستر و باحثة في التراث الامازيغي، إطار تربوي ثقافي .. ممرضة سابقا .. ومتطوعة في ميدان التمريض و إطار في الهلال الأحمر المغربي. هي هوايات وتجارب أغنت لا محالة رصيدها المعرفي والفكري والفني..
وبالتالي التمثيلي..

هي مواهب شابة لا تنتظر منا اكثر من التشجيع والإعتراف وتقديم العون وخلق بيئة مناسبة لها، في ظل غياب تام من قبل الجهات المسؤولة… مواهب شابة تنتظر سماءا صافية حتى تلمع وتتلألأ.

28 أبريل 2021
مصدر : ariffino.net.