الناظور…سلسلة الحورات مع المبدعين : ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة السورية فاديه عريج

الناظور…سلسلة الحورات مع المبدعين : ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة السورية فاديه عريج
أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم رضوان بن شيكار

تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.

ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة السورية فاديه عريج

أنا ابنةُ جبلِ الرّيان، سوريا موطني، شاعرةٌ تعشقُ الطّبيعةَ وصديقة الموسيقا والأدب والفنون، الإنسانية ُهُـويتي قبلَ كلّ شيء. صدرَ لي مؤلفان ورقيان ومثلهما الكترونياً أحدهما مُترجم إلى اللغة الأمازيغية.

2 ماذا تقرئين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟

أنا مُـولعةٌ بالكتاب منذ طفولتي، منذ أسبوع انتهيت من قراءة رواية

تأليف براموديا أنانتا وهو مؤلف أندونيسي، رواية رائعة بكل ما فيها من قالب لغوي جميل ، شخصياتها تنبئك بقدوم مستقبل ثوري ويقظة شعب يأبى الاحتلال والذل، وأجمل ما فيها هذا الخليط العجيب من الشخصيات والحكايا. وقبلها طالعت في كتاب

قصة الاستبداد وأنظمة الغلبة في المنطقة العربية

لفاضل الأنصاري. وسؤالك حول أجمل كتاب قرأته، أنا أجد كل الكتب التي قرأتها جميلة حتى السّيء منها لأنه يجعلك قادرا على المقارنة والتميز بين ما هو رائع وما لا يستحق الاهتمام. قرأت من الكتب الكثير الكثير، السياسية والأدبية والتاريخية لكن الكتاب الذي ترك أثره الأكبر بي هو رواية

للكاتبة الأمريكية هيريت بيتشر ستو التي تصور فيها معاناة الأمريكيين الأفارقة، و رواية

للأديب الفرنسي فيكتور هوجو وهي من أروع مؤلفاته.

لا زمن محدد للبداية لأنني أومن أن الشاعر أو الأديب لا بد أنه بدأ الكتابة في سن مبكرة فإبداع الطفل الصغير حين يرسم لوحة بالألوان مثلا هو كتابة من نوع آخر، ولولا خياله الخصب لما استطاع التعبير بالألوان بطريقة بديعة وأنا كنت ممن يتقنون الرسم في طفولتي الأولى ويعشقونه، لكن كتاباتي النثرية بدأت تتجلى في المرحلة الإعدادية والفضل للمطالعة وعشقي للكتاب. أما لماذا أكتب، أكتب لأرضي هذا القابع في أعماقي، لأرسم لوحات بمداد ضجيج الصّمت الساكن في داخلي، لأرضي نفسي أولا، لأخفف عن هذه البئر دائمة الامتلاء. ولا أعتبر الكتابة مهمة يجب أن تنجزها أبدا هي إلهام يستنهض يراعك من غفوته ساعة يشاء، أكتب كي أبقى على قيد الحياة.

4 ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟

المدينة التي تسكنني السويداء مدينتي، لكنني أتمنى التسكع في شوارع المدن العظيمة ذات التراث الحضاري والتاريخي في العالم.

5 هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟

لست راضية على معظم النصوص التي نشرتها، حتى مؤلفاتي التي وثقتها كلما عدت إليها أجد رغبة كبيرة في تعديل ما ورد فيها. أعمالي المقبلة مؤلف

قصص قصيرة أسلط فيها الضوء على حياتهم المأساوية. إضافة إلى مؤلف شعري جاهز للطباعة لم أستقر على عنوانه بعد.

6 متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟

الكتابة كالهواء الذي أتنفسه، هي جزء مني ..هل يستطيع المرء التوقف عن التنفس وهو على قيد الحياة إذن هو الموت..! ربما أتوقف عن النشر في المواقع أو في متصفحي يوما ما ، لكنّي حتما لن أستطيع التوقف عن الكتابة.

7 ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟

لا يوجد عمل تمنيت لو كنت صاحبته، إنما يوجد أعمال أدبية كثيرة عشقتها وتعلمت منها الكثير، صقلتني وأثرت بي ، نحن في هذا العالم خُـلِقنا لنؤثر ونتأثر بالآخرين وأجملنا من يتأثر بالإبداع في كافة المجالات. أما طقوس الكتابة التي تساهم في انهمار حرفي متعددة لا مكان أو زمان محدد لها، في وحدتي وتأملي، وخلوتي الممتعة مع الطبيعة بجمالها وثورتها، ولن تصدق إن قلت لك أنني أكثر من مرة وأنا أقود سيارتي تعصف بمخيلتي ذكريات يعتصر لها قلبي؛ فيبدأ الحرف بالانهمار كأنه الضوء ينساب من خلف الزجاج، فأركن سيارتي جانبا وأقوم بتدوين حروفي في مذكرة جوالي، وأحيانا عندما أخلد للنوم ليلا…أتَقَـلَّبُ على هسيسِ الحرفِ، تراني أنهضُ وأدونُ ما يجول في خاطري وأشعر كأني مسلوبة الإرادة بلا شعور مني أكتبُ على الورق ما يجول في خلدي، وأسافر مع البوحِ كمَن يُسافر بمركبٍ مليءٍ بالزّهورِ مع لجين موج البحرِ .

8 هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟

كيف لا يكون له دور..! بعض الأعمال الأدبية العظيمة كانت أساسا لحروب وثورات غيرت وجه التاريخ، ومثالها رواية

التي ذكرتها سابقا فهي أسست للحرب الأهلية الأمريكية وسلطت الضوء على الواقع المظلم الذي كان يحياه الزنج، والأدب في فرنسا ساهم بصورة فعالة لقيام الثورة الفرنسية في 1789م التي حطمت كل المفاهيم الاستبدادية في القارة الأوربية، ولا ننسى الأدب العربي الذي كان يحث الشعوب على مقاومة الاستعمار. لكن سأكون معك صريحة، الأديب والمثقف اليوم لا دور له في المنظومة الاجتماعية في عالمنا العربي إلا ما ندر لماذا.. لأنه يغرد خارج السرب، هو في وادٍ وهموم المواطن والوطن في واد آخر، والقارىء يتأثر بمن يلامس جرحه ويتحدث بلسانه، ثم أن المجتمعات العربية ليست بقارئة كما الغرب الذي تتوفر له كل أسباب الرفاهية التي تجعله ينمي مواهبه ومنها المطالعة . إضافة إلى العولمة التي أضحت بحرً لمن أراد الغوص. فالأجيال والشعوب ليست بحاجة لمن يستنهضها بل تحتاج لمن يوجهها نحو الأفضل في هذا العالم الرقمي الزاخر بالعلوم والآداب والتاريخ والفلسفة ..الخ.

9 . ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟

العيش في عزلة يعني أن أحيا مع ذاتي بصورة أفضل وأجمل، وأنا بطبعي أحب العزلة، وهناك فرق شاسع بين مفهوم العزلة والحرية. عندما تكون مقيدا في فكرك وكتاباتك وأعمالك هنا أنت تفقد حريتك، وهذا أمر مؤسف ومزري وفقدان الحرية كان وما زال من أهم الأسباب التي أدت إلى ثورات الشعوب عبر التاريخ.

شخصية في الماضي أرغب لقاءها هي شخصية الأديب جبران خليل جبران. لماذا ..لأنني أجد نفسي في كتاباته العظيمة.

11 ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟

سأغير الكثير لو أتيحت لي الفرصة للبدء في حياتي من جديد، لأنني لم أمتلك الوعي الكافي في خياراتي الكثيرة وخاصة المهنية والمادية.

12 ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟

بعض الأشياء إن فقدتها ستفقد ذاتك حتما ، وبعضها يبقيك مع الذكريات بحلوها ومرها ولا يجوز أن يمضي بنا فقدها إلى الفراغ يجب أن نظل على قيد الأمل والمضي قدما لنستمتع بتضاريس الحياة.

13 صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن ديوانك : “قلبي يحدثني” كيف كتبت وفي أي ظرف؟

هو عنوان مؤلفي الشعري الثاني، نصوص هذا الديوان جاءت من رحم المعاناة والألم، من رحم الأوضاع المأساوية التي تعرض لها وطني الحبيب سوريا وشعبه العظيم، تغنت نصوصه بالإنسانية والحب والسلام، ونبذ الإرهاب والظلم في كل مكان، وبعضها ينشد للوطن وبعضها يسلط الضوء على قضايا اجتماعية كالفقر والفقراء.

14 ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟

هو الأدب وليد الواقع، هل تستطيع أن تغني وسط جنازة مثلا..؟ البعض يغني لكنه يصبح منبوذا من واقعه.. الواقع وقود الأدب، حينها يحلق في الخيال الخصيب الذي يرسم لنا الإبداع.

15 كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟

النشر في مواقع التواصل الاجتماعي تجربة غنية ثرية بالكثير من المعطيات الإيجابية في ظل ما تحققه من انتشار سريع ووصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء، لا بل إنها تغني عن النشر الورقي الذي ربما لا يصل إلى أبعد من متصفحيه. ومن سلبياته وجود المتسلقين في كل المجالات، ولهم الحق بالنشر ولنا الحق بالمتابعة أو الفرار. سأقول لك شيئا: بعضهم مما كان يعارض وينتقد هذا النشر من الأدباء الكبار وغيرهم من الصغار، أجده اليوم ملتزما بمواقع التواصل الاجتماعي لأنه أيقن أنه سيندثر أو سيبقى يراوح ضمن الدائرة المغلقة إن لم يواكب هذه الثورة الهائلة في العالم الرقمي وأعرف منهم الكثير. طبعا مع هذا كله يبقى للكتاب الورقي متعة خاصة لا يمكن أن يضاهيها التصفح في كتاب الكتروني، لكننا نجد ضالتنا في المكتبات الالكترونية بطريقة أسرع وأوفر.

مُدَرِساً و مهندسة و صيدلانية). وأسوأ ذكرى وفاة أمي .

17 كلمة أخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه ؟

يجب أن يلعب كل منا دوره الإيجابي على أكمل وجه في هذه الحياة، يجب أن نناضلَ من أجل بعضنا البعض وإلا سنخسر إنسانيتنا. شكرا لك صديقي رضوان من الأعماق.

28 أبريل 2021
مصدر : ariffino.net.