الناظور : التقرير التركيبي للندوة العلمية الوطنية حول موضوع: “تدريس اللغة الأمازيغية على ضوء المستجدات القانونية والتربوية”

الناظور : التقرير التركيبي للندوة العلمية الوطنية حول موضوع: “تدريس اللغة الأمازيغية على ضوء المستجدات القانونية والتربوية”
نظم مركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية بالريف، بتنسيق مع كل من مسلك الدراسات الأمازيغية ومختبر المجتمع وتكامل المعارف بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، ندوة وطنية علمية حول موضوع: “تدريس اللغة الأمازيغية على ضوء المستجدات القانونية والتربوية” وذلك عبر تقنية google meet أيام 09 و10 أبريل 2021.

وقد ترأس جلستي هذا اللقاء العلمي الدكتور جواد الزوبع، أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور ونائب المدير التنفيذي لمركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية بالريف، وبعد ترحيبه بالحضور وشكره لكافة الأساتذة المتدخلين قام بتقديم موضوع  الندوة واسترسل في شرح حيثيات تنظيمها معتبرا أن: “الندوة تندرج في سياق عمل المركز ومواكبته العلمية والفكرية لكل ما يرتبط بقضايا اللغة والثقافة الأمازيغيتين، في هذا الإطار كان لزاما القيام بقراءة لواقع تدريس هذه اللغة خاصة بعد ما شهده الحقل التعليمي في الآونة الأخيرة من مستجدات من شأنها المساهمة في تغيير واقع عملية تدريس اللغة الأمازيغية“.

استهلت أشغال الندوة بكلمة الأستاذ الإدريسي أبو عبد السلام، نائب عميد الكلية المتعددة التخصصات بالناظور، تلتها كلمة لكل من الأستاذ اليمني قسوح باسم مسلك الدراسات الأمازيغية، والأستاذ فريد المريني عن مختبر المجتمع والخطاب وتكامل المعارف بذات الكلية، لتختتم الجلسة الافتتاحية بكلمة الأستاذ محمد المساوي، المدير التنفيذي للمركز، الذي أشاد ونوه، على غرار باقي الأساتذة، بأهمية هذا اللقاء في إرساء قواعد النقاش العلمي الأكاديمي، كما اعتبره محطة أساسية من أجل تطوير التنسيق بين المركز والمؤسسات الجامعية.

افتتح الجلسة الأولى للمداخلات العلمية الأستاذ هشام المختاري، أستاذ التعليم الابتدائي تخصص أمازيغية بالناظور وعضو جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية بجهة الشرق، بعرض قيم تحت عنوان: “تجربة تدريس الأمازيغية في ضوء التقنيات الحديثة، مكون التواصل نموذجا” والذي تحدث فيه بداية عن تجربته كمدرس لهذه اللغة، ثم تطرق إلى ظروف استخدام الفيديو كأداة لتدريس اللغة والذين يعود لسنوات الستينيات تزامنا مع ظهور التكنولوجيا الجديدة

التلفزيون، شريط الكاسيت…)، إلا أن توظيف هذه التقنية داخل الفصول الدراسية، حسب الأستاذ هشام، رغم أهميتها فهو يبقى ضئيلا.

من جانبها استعرضت دة. حسنة بولحفة، أستاذة التعليم الابتدائي ـ تخصص أمازيغية بأكاديمية الرباط ـ سلا ـ القنيطرة، في مداخلتها المعنونة ب: «amawal g udlis n tmaziɣt, aswi

amezgaru» بعض الإشكالات التي يطرحها المعجم المستعمل في الكتاب المدرسي الخاص بالمستوى الأول ابتدائي والذي من شأنه أن يشكل عائقا أمام عملية تعليم وتعلم اللغة الأمازيغية وكذا على مستوى التواصل بين المتعلمين والمدرس، موضحة  الدور الذي يلعبه المعجم المستحدث أو المتداول في عملية تعليم اللغة الأمازيغية لتخلص في الأخير إلى اقتراح بعض الحلول المتعلقة بتسهيل هذه العملية لدى المتعلم بالمستوى الأول.

وفي مداخلة الأستاذ عبد المجيد بنحمادي، مفتش اللغة الأمازيغية بمديرية الناظور، المعنونة ب: “الأستاذ المتخصص في تدريس اللغة الأمازيغية: إكراهات تدبيرية وبيداغوجية” انطلق من تجربته في التأطير الميداني للأساتذة المتخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية لتقديم بعض الإكراهات والصعوبات التدبيرية والبيداغوجية التي تعترض تجربة تدريس اللغة الأمازيغية، مبرزا أن طريقة تنزيلها على الميدان طرح عدة إشكالات تواجه الفاعلين التربويين والأساتذة المعنيين على وجه الخصوص، منها ما يتعلق بالتنظيم التربوي وجداول الحصص، حجرة الدرس، وأخرى مرتبطة بالتعميم، التقويم، والمنهاج. اختتم في الأخير بتقديم بعض الحلول والتوصيات التي يمكنها المساهمة في إنجاح هذا الورش.

أما المداخلة الرابعة التي تحمل عنوان: “دور التكوين التأهيلي في إنجاح عملية تدريس اللغة الأمازيغية” فقد تحدث فيها ذ. جمال بلحاج، الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، عن سيرورة إدماج اللغة الأمازيغية في منظومة التكوين وأهميته في إنجاح عملية تدريس اللغة الأمازيغية، كما تطرق إلى طرح بعض معيقات التكوين التأهيلي في اللغة الأمازيغية محاولا اقتراح بعض الحلول للإرتقاء بجودة التكوين.

المداخلة الأخيرة من الجلسة العلمية الأولى كانت بعنوان: “دراسة مقارنة في منهاج تدريس اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي” تطرق فيها د. رشيد الغرناطي، أستاذ التعليم الابتدائي تخصص أمازيغية وعضو جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، إلى تقديم قراءة في مسارات تدريس الأمازيغية منذ أن تم ادراج بعض المواد بشأن الاستئناس بها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مرورا باتفاقية الشراكة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية والتي أسفر عنها إعداد منهاج خاص بتدريس الأمازيغية، حيث واكبت الوزارة الوصية هذا الورش بمجموعة من المذكرات الوزارية ذات الصلة والتي تتأرجح بين فكرة التعميم والتجويد والإجبارية، كما تحدث عن مجموعة من التعثرات التي طالت تعميم تدريس هذه المادة حيث لم يمتد تدريسها أيضا إلى باقي الأسلاك التعليمية الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، رغم تكريس التعددية اللغوية المغربية على ضوء ما جاءت بها الوثيقة الدستورية لسنة 2011 وما تلاها من تشريعات همت تحصين المكتسبات اللغوية الأمازيغية، مثل القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وقانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، كما رصد أهم التفاعلات التي واكبت مشروع المنهاج الجديد لتدريس اللغة الأمازيغية في المدرسة المغربية سواء ما يتعلق بوجهة نظر الخبراء في مجال التربية وبيداغوجية تدريس الأمازيغية، أو ما يهم رؤية الفاعل المدني الأمازيغي المعروف بتتبعه لكل المسارات التي همت الأمازيغية في مختلف أبعادها بما في ذلك قطاع التعليم.

اختتمت أشغال الجلسة العلمية الأولى بفتح باب النقاش ليتدخل الحاضرين بتساؤلاتهم وإضافاتهم حول تدريس اللغة الأمازيغية بصفة عامة، بحيث عملت مداخلات الحضور على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه، كما طرحت الأسئلة للمحاضرين، وتقدمت بوجهات نظر حول الموضوع.

أما الجلسة العلمية الثانية فقد افتتحها د. جواد الزوبع، الأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، ليجدد ترحابه لليوم الثاني على التوالي بالحاضرين والأساتذة المتدخلين، انتقل بعدها مباشرة إلى إعطاء الانطلاقة لجلسة المداخلات العلمية التي استهلت بمداخلة تحت عنوان: “تجربة تدريس اللغة الأمازيغية بالجامعة المغربية” للدكتور عبد المطلب الزيزاوي، أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر بأكادير، شعبة الأمازيغية، الذي انطلق من تجربته للحديث عن تدريس اللغة الأمازيغية بالجامعة منذ سنة 2007 مفصلا في بعض المواد المدرسة بجامعة ابن زهر، في الأخير اختتم ببعض المقترحات التي تقدم بها أساتذة نفس الجامعة إلى الوزارة الوصية حول نظام الباكالوريوس.

في حين أن الدكتور عبد الهادي أمحرف، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة عبد المالك السعدي بتطوان  تقدم في مداخلته المعنونة ب: “وضعية تدريس اللغة الأمازيغية في مسالك الإجازة في التربية” بإعطاء صورة شاملة عن الوضعية الراهنة للأمازيغية في المدرسة المغربية متسائلا عن مدى النجاح الذي حققته الدولة المغربية في إدماج هذه اللغة في منظومة التربية والتكوين بعد مرور أكثر من 17 سنة على الشروع في تجربة تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية، وبعد مضي حوالي 9 سنوات على ترسيمها في الدستور الجديد، إذ أنه انطلاقا من الإحصائيات التي استند إليها تبين بالملموس أن ورش تدريس الأمازيغية عرف فشلا ذريعا للأهداف المسطرة لتحقيقه، وستسعى مسالك الإجازة في التربية المقترحة والمنفذة من طرف نفس الوزارة للسعي للقضاء والقتل الرحيم للأمازيغية في مسلسل تدريسها في المدرسة المغربية، حيث أن الغلاف الزمني المخصص للغة والثقافة الأمازيغية، يعبر بوضوح عن النظرة الدونية للمسؤولين في قطاع التربية والتكوين لهذه اللغة، وعدم التعاطي الجدي لإعداد الكفاءات البشرية والموارد الديداكتيكية لتدريسها وتعميمها في السلك الابتدائي، فلم يخصص لها سوى ربع ما خصص للغة العربية

100 ساعة)، رغم كونها لغة رسمية للدولة، كما ينص على ذلك الدستور المغربي، ورغم أنه توجد من بين الوثائق التي أرسلتها الوزارة لمسؤولي وأساتذة المؤسسات الجامعية ما يفيد الحاجة الماسة لأعداد مهمة من أساتذة التعليم الابتدائي، وهي كالتالي  2835  أستاذا سنة 2018، و2987 أستاذا سنة 2019، و3088 أستاذا سنة 2020.

من جهته تناول الدكتور عبد السلام خلفي، مدير مركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، في مداخلته التي تحمل عنوان: “تدريس اللغة الأمازيغية في ضوء المستجدات التربوية” وضع ووضعية تدريس اللغة الأمازيغية وكذا المسار الذي اتخذته منذ إدراجها سنة 2003 في منظومة التربية والتكوين، كما قام، اعتبارا للمستجدات القانونية والتربوية الجديدة، بتحليل هذه التجربة باحثا عن آليات ترصيدها بهدف استشراف أفق يتحقق فيه التعميم أفقيا وعموديا ويتجاوز الواقع الحالي.

في مداخلته المعنونة ب: “هندسة تكوين أساتذة اللغة الأمازيغية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ورهان الجودة” قام د. محمد اليوسفي، الأستاذ الباحث بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، شعبة الأمازيغية، بتحليل طريقة التكوين في مجزوءة الديداكتيك من خلال عناصر التخطيط، التدبير والتقويم وكذا جودة العرض التكويني في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

المداخلة الأخيرة للأستاذ محمد المساوي، المدير التنفيذي لمركز الدراسات والأبحاث الأمازيغية بالريف وباحث بسلك الدكتوراه، بعنوان: “أي موقع للغة الأمازيغية في المدرسة المغربية على ضوء التجربة الفنلندية في تدريس اللغات” حاول فيها استنباط واستلهام تجربة ناجحة ومتفوقة ورائدة على المستوى العالمي، من خلال تقديم موجز حول أهم مميزاتها ونقط قوتها، مع التركيز على سياستها اللغوية التربوية، لفهم آليات التدبير اللغوي في هذه التجربة ومرتكزاتها الأساسية. وذلك محاولة لفهم المفاتيح التي من الممكن الاستفادة منها في تطوير المدرسة المغربية عموما، وتطوير الأداء اللغوي فيها خاصة، وتطوير موقع اللغة الأمازيغية ضمنها بشكل أخص وذلك من خلال استطلاع عوامل ريادة وتميز وفعالية المنظومة التعليمية الفنلندية، وموقع اللغات ضمنها، سواء منها الوطنية والرسمية، أو الأجنبية، أو لغات الأقليات المهاجرة المختلفة والمتعددة. ومن ثمة استكشاف الدروس المستفادة من أجل تمكين اللغة الأمازيغية من تموقع فعال في المدرسة المغربية. وذلك من خلال استطلاع عوامل ريادة وتميز وفعالية المنظومة التعليمية الفنلندية، وموقع اللغات ضمنها، سواء منها الوطنية والرسمية، أو الأجنبية، أو لغات الأقليات المهاجرة المختلفة والمتعددة. ومن ثمة استكشاف الدروس المستفادة من أجل تمكين اللغة الأمازيغية من تموقع فعال في المدرسة المغربية.

وقبل الختام تم تقديم مجموعة من المقترحات والتوصيات القيمة التي أسفرت عنها هذه الندوة والمقترحة من طرف المشاركين في تأطيرها، ويمكن تفصيل هذه التوصيات على الشكل التالي:

إنجاز تقييم شامل وموضوعي لورش تدريس اللغة الأمازيغية منذ انطلاقه سنة 2003 إلى الآن. تحيين المذكرات الوزارية المنظمة لتدريس اللغة الأمازيغية وللمدرس المتخصص لمواجهة الصعوبات التي يطرحها إعداد جداول الحصص، عدد ساعات العمل، مشكل الحجرة… الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الأساتذة ومختلف الفاعلين التربويين بخصوص مشروع منهاج اللغة الأمازيغية. التعجيل بتأليف الكتب المدرسية بإشراك الأساتذة والفاعلين المتخصصين في اللغة الأمازيغية مع اعتماد الكراسة إلى جانب الكتاب المدرسي… الاشارة بشكل مباشر إلى المرجعيات التربوية والمؤسسة التي جاءت بعد دستور 2011 المؤسسة لرسمية الامازيغية وتجاوز مرجعيات دستور 1996. توسيع حجم الغلاف الزمني إلى 6 ساعات بدل 3 ساعات كون الأمازيغية رسمية خلاف الغلاف الزمني 3 ساعات ذات الصلة بدستور 1996 الذي لم ينص على رسمية الامازيغية. رفع عدد أطر تدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي إلى أكثر من 600 إطار كل سنة. تدريس الأمازيغية في سلك التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي. التفاعل الايجابي مع مقترحات جمعيات مدرسي الأمازيغية بشأن المنهاج الجديد لتدريس الأمازيغية. تنقيح وتجديد عدة التكوين الخاصة باللغة الأمازيغية وكتابتها بالأمازيغية. توصيف دقيق لعدة التكوين قصد توحيد طرق تنزيلها وتصريفها بجميع المراكز. تزويد المراكز بمختلف المعينات والوسائل الضرورية للاشتغال

مراجع – قواميس – كتب مدرسية ووسائل رقمية …). إمداد المراكز بالموارد البشرية المتخصصة والكافية. انفتاح مسالك الدراسات الأمازيغية بالجامعات على المراكز الجهوية لردم الهوة العميقة الموجودة بين التكوين الأساس في الجامعة والتأهيل المهني بمراكز التكوين المستمر للأساتذة المكونين بالمراكز الجهوية لمواكبة مختلف المستجدات التربوية والبيداغوجية. تعميم تخصص الأمازيغية على جميع المراكز الجهوية بدون استثناء. تخصيص مجزوءات في الأمازيغية للمزدوجين ومسلك أطر الإدارة التربوية. فتح مباراة الولوج إلى المراكز الجهوية تخصص أمازيغية للحاصلين على شواهد متخصصة في الأمازيغية وفقط. الاستعانة بالتجارب الدولية المقارنة والرائدة في تدبير التعدد اللغوي في السياسات اللغوية والتربوية، لتطوير وضعية اللغة الأمازيغية في المدرسة المغربية باعتبارها لغة رسمية. تطبيق مساواة فعلية ومطلقة بين اللغتين الرسميتين الأمازيغية والعربية. تدريس بعض المواد باللغة الأمازيغية في إطار مقاربة التناوب اللغوي.

عضوة المكتب التنفيذي للمركز، منسقة وحدة الترجمة والتوثيق

20 أبريل 2021
مصدر : ariffino.net.